"رسائل الحرية" تفتتح مهرجان الحمامات الدّولي
"غنّ، لا تبالي بأحد .. افرح، الفرح لك .. السّماء لك .. الكون لك .. كن عاشقا، كن ولهانا، كن سكرانا بالحرية"... كانت هذه بعض رسائل عزّ الدّين المدني إلى جمهور مهرجان الحمامات الدّولي في عرض افتتاح الدّورة الخامسة والخمسين التي انطلقت مساء أمس الأربعاء 10 جويلية بعرض مسرحية "رسائل الحرية" للمخرج حافظ خليفة.
رسائل الحرية عمل فكريّ يهمّ تونس بتاريخها وحاضرها في طرح مختلف لقضية الحرية "التي أصبح السياسيون اليوم يستخدمونها كوسيلة لبلوغ السّلطة لا أكثر" بحسب كاتب النّصّ عزّ الدّين المدني الذي يتيح لجمهوره فرصة التّفكير والتّفاعل من خلال هذا العمل الذي "يخاطب المشاهد قصد توعيته ومشاركته اهتماماته التي على رأسها قضية الحرية".
وتنّقل الحاضرون بين حقبات مختلفة من تاريخ البلاد التي لم تكن بمعزل عن محيطها الجغرافيّ والسياسيّ والدينيّ الذي اتّسم بكثرة التّقلبات والصّراعات حول السّلطة والثروة والجاه. ويستعير العمل أحداث الماضي المتأزّم ليسلّط الضّوء على الحاضر الذي لم يختلف كثيرا عن الأزمنة القديمة التي شهد فيها العرب فترات من الصّراع والانقسام والتناحر والتي امتدّت حسب النّصّ إلى الحاضر الذي نعيشه سيما من خلال قيام الثّورات التي طالبت بالحرية واسقاط الأنظمة المستبدّة التي كانت حاضرة دائما وأبدا في تاريخ تونس وسائر البلاد العربية.
"زالت الدّولة وزال الحكم" أحد الشعارات التي ترفع في المسرحية التي تستنهظ الهمم في عدد كبير من أجزائها وتدعو إلى الحرية الحقيقية بعيدا عن "تدجيل السّياسيين" لكنّها وفي الوقت ذاته تحذّر من تسليم الحكم والسّلطة إلى أشخاص غير جديرين بها وبتضحيات شعوبهم، وهو إلى حدّ ما نقد واضح لأنظمة الحكم التي حلّت بعد "الثورات" العربية التي أظهرت شخصيات لا تملك الخبرة الكافية في اللعبة الديموقراطية وتستظلّ بالدين، باعتباره مؤثّرا في النّفوس، لتحقيق أغراضها".
وأشار مخرج العرض وأحد أبطاله في دور المهدي المنتظر، حافظ خليفة أنّ الرّسالة التي عملت المسرحية على تبليغها هي ضرورة الوعي بمخاطر التوظيف السياسي للدين الذي يتحوّل في بعض الأحيان إلى لعنة، مؤكّدا رضاه على العرض الأوّل الذي يعتبره ناجحا رغم ضرورة إدخال بعض المراجعات في قادم المواعيد.
بدوره أكّد وزير الشّؤون الثّقافية محمّد زين العابدين أنّ المجموعة التي اشتغلت على العمل وفقت إلى حدّ كبير في تقديم قراءة تاريخية جيدة لواقع الشّعوب العربية "بتوجّسها"، مشيرا إلى أهمية الإضافة الإبداعية في نصّ عزّ الدين المدني وفي القراءة الرّكحية لحافظ خليفة، معبّرا عن أمله في تواصل هذا العمل وتقديمه للجمهور في محطات أخرى.
ومن بين نقاط قوّة العرض بحسب الجمهور الحاضر الدّقة في سرد الأحداث التّاريخية ووصلها بالحاضر في مزيج متناغم بين النّصّ والأداء والموسيقى والإضاءة التي تعتبر من أهمّ العناصر في العرض سيما وأنّ الرّكح تحوّل في المسرحية إلى بحر بدا حقيقيا إلى حدّ كبير وهي تقنية حديثة تتمثّل في مشروع للإضاءة الرّقمية البديلة للدّكتور عماد هادي من جامعة بغداد الذي كان ضمن الفريق العامل في العرض شأنه شأن مصمّمة الملابس آمال الصّغير التي أكّدت أن العمل كان بعد بحث معمّق وتركيز على النّصّ والفترة التّاريخية التي يتنزّل ضمنها واستعملت في ذلك المواد الأوّلية الطّبيعية من صوف وجلود وغيرها لتكون الأزياء أحد أهمّ العناصر المشكّلة لرسائل الحرية.
ويذكر أنّ العرض يندرج ضمن تظاهرة تونس عاصمة للثقافة الإسلامية ويجمع لأوّل مرة المخرج حافظ خليفة مع الكاتب المسرحي عزالدين المدني.
الواثق